لكم قصة عن الوحدة بمثال عليها

الـمقـدمـــة
عندما نشعر بالظلام من حولنا ،وبهذا البرد القارص الأتي من لا مكان.
عندما تسجن الصرخات في داخلنا فيسود الصمت ونجد أنفسنا في بقعة من الظلام اللامحدود.
عندما تنساب الدموع من أعيننا مثل قطرات المطر في إحدى أيام الشتاء وتتسارع الأنفاس، ولا نملك السيطرة على عقولنا التي تفكر في أسوأ لحظات مرت علينا طوال ما عشنا من سنين.
عندما لا يقوى الجسد على الوقوف أو القلب على النبض أو العقل عن التفكير في حلول لما يجول في خواطرنا من تساؤلات.
حينما تتلاشى الثقة في كل ما نقوم به أو نفكر فيه ندرك انه لا يوجد ما يمثل كل هذا سوى هذه الكلمة.

الــــــــــــوحـــــــــــــدة
كان يوم من أيام الشتاء الممطر ولكن الجو كان يمتلأ بحرارة لم تكن الشمس مصدرها وإنما كانت قلوب كل محبان اجتمعا في هذا اليوم ، تختبئ الشمس خلف السحب في خجل تتفتح الأزهار وينتشر عبيرها ،تشدو الطيور وكأنما هو عيد الربيع انه يوم مميز بكل تأكيد انه يوم .. عيد الحب.. حيث تتلون الساحات والشوارع باللون الأحمر الداكن لون الورود التي يقدمها الحبيب لحبيبته يوم تبادل الهدايا المعبرة عن الحب يوم للحب والأفراح والابتسام أما الأحزان فلا وجود لها أو هذا ما يعتقده الجميع.
ولكنه كان هناك في المنزل ظل في غرفته لم يبرحها ، أسدل الظلام ستائره فامتلأ الجو بحزن عميق لم يكن يريد أن يشاركه سوى دموعه لم يترك حتى منفذ لبصيص من الضوء ليتسلل إلى الغرفة ، فقط الظلام والدموع والوحدة والذكريات لم يكن بالشاب الذي يحترف الأحزان ويعشق الوحدة ولكنه كان يحاول الصعود من بئر أفكاره العميق ليجد إجابات عما كان يجول في ذهنه من أسئلة .

لماذا تعود إليه آلام الماضي في هذا اليوم بذات ؟

ما الذي فعله ليجني كل ما يحدث له الآن؟

لماذا تخلي عنه حلمه وهجره الأمل ؟

ويحاول أن يجمع شتات ذكرياته المتناثرة حوله في الغرفة ويبحث فيها لعله يجد ما يجيبه فيتسأل منذ متى بدأ هذا الشعور بالتسرب إلى نفسه ألم يكن هو هذا الشاب اللطيف المبتسم دائما كيف تلاشي الأمل من حياته كيف أصبح الغد عدو له بعد أن كان أقرب أصدقائه حتما هناك شيء غير صحيح ولكن ما هو.

و هنا أقترح أن نبدأ من بداية الأحداث عسي أن نجد من الإجابات ما يكفي لحل هذه الأسئلة.

هناك حكمة تقول في مضمونها ...إن الأقدار لا تعطى الإنسان كل ما يتمناه.... ولكن الإنسان أيضاء مسئول عن ما يقع فيه من متاعب فالإنسان له إرادته الحرة وهى من يقود الإنسان في معظم الأحيان للوقوع في المشكلات وهناك أفعال يقع فيها آخرون وهى ما تكاد تدمر حياتهم
إن ما يفعله الإنسان لا يخصه وحده حيث يعيش هذا الإنسان في مجتمع ومن حوله من يؤثر فيه ومن يتأثر هو به.
لقد كان لشادي نصيب وافر من هذه الأحداث الغير مسئول عنها ولكنها أثرت في حياته تأثير كبير.
فقد كان والده يقيم بأحدي الدول الأوربية وهو يعيش مع والدته ولكن بعد أن بلغ سن السابعة توفها الله..فذهب ليعش مع والده ولكن عند وصوله أذهلته مفاجئة لم يتوقعها أن والده متزوج بأخرى لم تكن لطيفة معه بل كانت تشعر انه مجرد متطفل يأرق عليها صفو حياتها لذا أعاده والده مرة أخرى إلى القاهرة ليعيش مع خالته لقد كان شادي حاد الذكاء ووسيم وله حضور ملحوظ وقد شهد له الجميع بأنه يسبق سنه بكثير و كانوا يتنبأون له بمستقبل مبهر مثل أن يصبح سفيرا أو وزيرا.

ولكن القدر كان يخبئ مفاجئة أخرى فلقد توفت خالته وتركته وحيد في هذا الوقت كانت علاقة شادي بوالده تتلخص في طلب أو إرسال المال له فهو لم يره من سنين وبدون صوره التي يرسلها له لما كان علم كيف يبدو، وبعد مرور سنين أصبح شادي طالبا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وفى أول أيامه في الكلية تعرف شادي بشاب يدعى أمير وقد كان من أسرة في المستوى المتوسط ولكن لم يكن شادي ليشعره بأي فروق وصارت صداقتهم قوية وفى إحدى الأيام في الجامعة وتحديدا في المدرج بعد محاضرة مليئة بالأحداث السياسية والأفكار والتطورات في العصر الحديث وجد كل من شادي وأمير أن رأسيهما تكاد تنفجر من كثرة المعلومات فذهبوا لكافيتريا الجامعة وهناك جذب انتباه شادي مناقشة بين مجموعة من الشباب في الطاولة المجاورة لهم وهنا بدا على شادي التركيز الشديد معهم حيث كانت المناقشة تدور حول موضوع المحاضرة السابقة لم يتمالك شادي نفسه فذهب ليطلب المشاركة معهم في الحديث.

بدت أرائه مقنعة للجميع مما أثار إعجاب الجالسين خاصة سارة تلك الفتاة التي لم يطرف لها جفن أثناء حديثه من فرط التركيز والاهتمام كانت سارة من أسرة ثرية ومثقفة.
كانت لا تعلم من ذالك الفتى فقط قال انه زميل ويدعى شادي ويرغب في الاشتراك بالمناقشة معهم، في هذه الليلة ظلت سارة مستيقظة تفكر فيه لقد جذب انتباهها هذا الفتى، كانت وكأنها تشعر أنها تعرفه من قبل، وأثناء التفكير غلبها النعاس، في اليوم التالي في الجامعة رأته هناك انه ذلك الفتى ماذا تفعل ؟؟!! هنا جاءتها فكرة لتختلق نقطة لم تفهمها وتطلب منه أن يشرحها وهنا تكون هناك فرصة للتعارف.
إنها لا تستطيع.. لقد منعها حيائها عن فعل ذلك إنها فتاة هذا لا يجوز وهنا أفاقت من سيل أفكارها لتراه يقف أمامها ويحادثها لقد تذكرها كان يسألها عن محاضرة لم يستطيع حضورها بسبب ظروف خاصة حسنا لم تكن هذه الحقيقة ولكنه أيضا أراد أن يتعرف إلى تلك الفتاة
لقد كان يشعر أنه يعرفها من قبل ولكن لا يذكر متى أو كيف، بعد التعارف نشاء بين شادي وسارة علاقة من نوع خاص جدا لقد كان شادي هو الفتى الذي لطالما حلمت به وكانت سارة تملك أكثر مما يطلب شادي في أية فتاة يحبها.
وفي إحدى الأيام وأثناء جلوس شادي وسارة وأمير وبعض الأصدقاء في كافيتريا الجامعة أتى احد الأشخاص ونظر بدهشة وقال، ((شادي....شادي منير))، فنظر له شادي متعجبا كيف يعرفه ثم تذكره على الفور ((كريم)) لقد كان كريم من أصدقاء شادي في فترة التعليم الإعدادي انه شاب من أسرة واسعة الثراء ولكنه كان متهور بعض الشيء لم يطل كريم بقائه فقط طلب من شادي أن يعطيه رقم هاتفه كي يتصل به في وقت أخر وليتحدثوا عن ذكريات الدراسة والأيام و تبادلا أرقام الهواتف وذهب.

لم تكن سارة تشعر بالراحة تجاه هذا الشخص وان كان يقابل هذا اعتراض من شادي حيث انه صديق قديم له لم يره منذ سنين بعد أن عاد شادي لمنزله كان بصحبته أمير وأثناء الغداء ورده اتصالا من كريم يطلب ملاقيته مساء في إحدى الأماكن الشهيرة التي يرتادها
واتفقا على المكان والزمان و اصطحب شادي أمير معه و بعد ملاقاة كريم وأثناء الحديث ورد كريم اتصال على جواله بعده عاد والابتسامة تملا وجه وقال لشادي وأمير أنكم من المحظوظين اليوم ليس مثل كل الأيام فقد هاتفنى إحدى أصدقائي ليدعوني لحضور عيد ميلاده ولى الحق في إحضار كل ما أريد من أصدقاء، بعد أن أقنعهم بالذهاب معه كانت المفاجئة شديدة لشادي وأمير حيث تلخص الحفل في اختلاط بين فتيات نصف عاريات و شباب لم يدرون لما يظهرون بهذه الملابس وقصات الشعر الغريبة وكانت الخمور والمخدرات تنتشر في الحفل وسط كل هؤلاء الشباب ومع الضغوط والجو المهيمن على المكان لم يشعر شادي أو أمير بما حدث إلا في الصباح حينما أفاقا وكانا يشعران بالآم الرأس وكان الوقت في العصر لم يتذكرا ماذا أصابهما أو كيف أصابهما ولكنها كانت تجربة مثيرة حقا و ورد شادي اتصال من كريم ليطمئن عليه ويقول انه يريد أن يأتي إليه ولكنه لا يعرف العنوان فأعطى شادي له العنوان بكل حسن نية،ولما كان شادي يعيش وحيد بعد وفاة والدته وخالته وابتعاد والده عنه في هذه الفيلا الكبيرة فقد وجد أن كريم أتى ولم يكن وحده بل كان معه الكثير من الأشخاص وقال أنهم ينون إقامة حفل لشادي بمناسبة انضمامه لهم لم يملك شادي حق الاعتراض فقد تدافع هؤلاء الأشخاص للدخول وبدأت الحفل وفى أثناء الصخب مر أمير ليطمئن على شادي وذهل لرؤيته كل هذا الصخب وسارع بالدخول ليري ماذا يجرى ولكنه ضعف أمام كل هذه الإغراءات مثل صديقه وعلى هذا النحو حتى تحول شادي وأمير إلى شابان مستهتران لا يريدان إلا أن يتمتعا بوقتهم.

في ذلك الوقت التف حول شادي الكثير من أصدقاء السوء في الجامعة وخارج الجامعة
وكانت سارة تنظر لكل هذا وتحاول أن تثنى شادي عن ما يفعله أو حتى التفكير في عواقبه
ولكنه لم يكن لينصت لها حتى أنها لم ترى خيارا أخر سوا الابتعاد عنه.
أما عن شادي فقد كانت الحفلات والصخب وعدم الاتزان هما عالمه الآن فيه لا يتذكر والده الذي لا يريده بقربه أو عائلته التي لا تذكره وكان أمير معه دائما ولكنه برغم وجود عائلته حوله إلا أن غياب الرقابة أعطت الفرصة للشيطان ليتمكن منه واستمر الحال هكذا ولم يستطيع أن يردعاهما رادع حتى مرض والد أمير مرضا خطير.

لم يرى شادي أمير لفترة ثلاثة أشهر و كان أقرب أصدقائه وقتها هو كريم
وبعد مرور ثلاثة شهور و أثناء نومه وارده اتصال من شخص يحدثه ولكن باللغة العربية الفصحى، كان شادي في البداية يظن أن احد يمازحه ولكنه تذكر الصوت انه صوت أمير صديقه وكان أمير يطلب مقابلته لأمر غاية في الأهمية لم يوافق أمير على أن يدخل بيت شادي ولكن طلب منه أن يلاقيه في مقهى بجوار الجامعة.

وافق شادي على الفور وبدل ملابسه وعند المقهى وجد أمير ولكنه ملتحيا وقد تعجب منه حينما كان أسلوب كلامه يختلف عن أمير صديقه السابق فقد ظل أمير يحدثه عن الدار الآخرة والجنة والنار وانه لا بد أن لا يترك حياته لشيطان ليدمرها وأنه لم يفق من هذا إلا بعد وفاة أبيه بمرض خطير،لم يستمع شادي إلى أمير و عارضه وجادله وتركه وذهب ،تكررت المكالمات من أمير الذي يحاول الإصلاح ولكن شادي كان يتهرب دائما متحجج بانشغاله.

وبعد نهاية العام الدراسي رسب شادي ولكنه لم يكترث فالعمل والشهادة لن يفيدانه فهو يملك المال ولن يحتاج إلى العمل ولكن أمير صديقه لم يتركه بل ظل يحاول جاهدا أن يصلح ما أفسده كريم في شادي حتى ذالك اليوم.

الذي علم فيه شادي بخطبة سارة كان وكأنه قد جن جنونه ولا يدرى ماذا يفعل...لا انه لن يتركها تضيع منه ولكن ماذا يفعل لم يكن يملك ذلك العقل والمنطق الفلسفي الذي كان يلجا إليه انه الآن خاو مثل إناء تبخر الماء منه ظل يفكر انه إذا سنحت له الفرصة بمقابلة سارة فمن الممكن أن يعودا مثل سابق عهدهم ولكنها لم تكن لتعطيه مثل هذه الفرصة إذن أمير هو الأمل الباقي له هو صديقه الذي سوف يساعده فذهب مسرعا إليه ولكنه كان قد تأخر فقد علم أن أمير توفه الله اثر حادثة طريق هنا لم يدرك ماذا يفعل.

لماذا كل من أحبهم تركوه قاد سيارته بجنون إلى لا مكان لم يشعر بالطريق فقط أضواء السيارات من حوله وهو في طريق مظلم يذكره بحياته الآن يسير بلا هدف يكاد لا يرى الطريق من كثرت انهمار دموعه، حياته تمر من أمامه في لقطات وذكريات كأنه فيلم سينمائي شعور الوحدة يعتصر قلبه يشعر بالألم في كل أرجاء جسده انه لا يقوى على الحركة وقف على جانب الطريق وفقد الوعي.

أثناء ذلك رأى نفسه ممسك بطرف حافة هاوية سحيقة..انه لا يستطيع أن يتماسك أكثر أصابعه تخذله جسده ينزلق سوف يسقط وهنا يرى والدته و خالته و أمير وسارة كلهم هناك إنهم يحاولون مساعدته على الخروج... بعد إنقاذه اخذ ينفض الغبار عن ملابسه ويرفع رأسه في ابتسامة ولكنهم ليسو هنا لقد ذهبوه جميعا وهو يقف هناك وحيدا.
و يفيق ليجد العرق البارد يحتشد فوق جبينه.. ترى أين هو الآن؟؟!!

يفتح باب السيارة وينزل عنها ويشعر به انه نسيم الفجر البارد.. ينظر حوله يمينه طريق يساره نهر هل كان ذاهب إلي مكان ما، يعود للمنزل ليجلس في غرفته لا يترك بصيص من الضوء حوله ينثر صور له مع كل من أحبهم...يتذكر..يفكر في ما حدث وفى ما سيحدث...

ولكنه يشعر بذلك الشعور الذي شعر به عند فراقه لكل من أحب فينظر لصورة ملقاة بجانب الوسادة فينظر لها ويبتسم ويمسك بهاتفه ويتذكر الرقم ..





عندما يؤلمك النظر للماضي،

وتخاف مما سيحدث في للمستقبل،

انظر لجانبك،

وصديقك الحميم سيكون هناك ليدعمك


ماذا ستفعل حينما يكون الشخص الوحيد القادر على مسح دموعك ، هو من جعلك تبكي ؟

مشكور اخوى على مرورك الرائع
دمت بود

خواطر انت دائما مبدعة بكل شيء

مواضيعك جذابة ودائما مفيدة

مشكورة حبيبتي

مشكورين علي مروركم
ودمتم بود

مشكوره ياقمر على مرورك الرائع
دمتى بود