ليست القضية متى سيأتي ..القضية هل يبقى حين حيأتي؟
التقته وهي في الثلاثين من عمرها
في وقت ظنت أنها فقدت القدرة على الحب والحلم والأمل
وبعدأن ذاقت من الأشباء أمرها
وبعدأن اتسعت الفجوة بينهاوبين الفرح
وأصبحت السعادة من مستحيلات حياتها
عندها جاء هو
بقلبه الكبير
وببحور حنانه الباحثة عن أنثى لتكون نصف قلبه
اقترب منها كالأحلام الهادئة
عشقها بصدق فرسان الحكايات القديمة
وطرق بابها في أشد مراحل عمرها ظلمة ليمنحها باقة من النور
لم يكن آخر أطواق النجاة بالنسبة إليها
بل كان الشاطئ والقبطان والسفينة
غيرها تمامانسفها داخليا وخارجيا
لّون كل المساحات السوداء في حياتها
فتعلقت به تعلق الأم بطفلها وتعلق الأنثى بفارسها
وشعرت معه بأمان لم تشعر به طيلة حياتها
اقترب من أعماقها أكثر
ملأ احساسها كالدم وملأحياتها كالهواء
كانت تنام على وعوده وتستيقظ على صوته
تمادت معه بأحلامهما منحت نفسهاحق الحلم كسواها
حلمت بأطفال بعدد نجوم السماء وبقدرة إلهية تهديه إياها
وبليلة من العمر تجمعهما في جنت فوق الأرض تعيش فيها معه
كان رجلا رومانسيا شفافا
بادلةا أحلامها بنقاء
لم تكن بالنسبة إليه حكاية بسعى إلى إنهاء دور فيها
ولم يسجلها موعدا قابلا للإنتهاء
كانت شيئا آخر إحساسا مختلفا
وامرأة لابمكن تصور حياته من دونها
اعتادت وجوده في حياتها
تماما كمااعتاد هو وجودها في عالمه كان إحساسهما طاهرا نقيا
لم تدنسه مواعيد الغرام
ولم تلوثه اللقاءات المحرّمة
كان يصونها كعرضه وكانت تحفظه كعينها
سألها يوما:ماذا لو خنت؟ قالت:سأقتلك
قال:ماذا لو مت؟ قالت:ستقتلني
عندها أدرك أنها امرأة ترفض الحياة بغير وجوده
وتمنى أن يعيش إلى الأبد كي يجنبها ألم فقدانه وفجيعة رحيله
منذ أن عرفته وهي تعشق المساءجدا
ففي المساء يأتي صوته حاملا لها الفرح كله
ويعيدها رنين هاتفه إلى الحياة التي تفارفها حين يفارقها
ترفع سماعة الهاتف حتى يبادرها متسائلا:
((من تحبين أكثر؟أنا؟أم أنا؟))
فتجيبه بطفولة امرأة عاشقة:
((أحبك أنت أكثر..من أنت))
ثم يتجولان في عالم من الأحلام الجميلة
وهذا المساء انتظرت صوته كالعادة
ومرت الدقائق وتلتها الساعات
شيء مافي قلبها بدأ يشتعل شيء ماتتجاهل صوته لكنه يلح
شيء مايصرخ في داخلها انه لن يعود
وشيء مايوقظ في داخلها كل شكوك وظنون الأنثى في لحظة الأنتظار
ترى هل نسي؟ هل خان؟ هل...رحل؟
ومع أول إشعاع نور للصباح
حادثها احدهم ليخبرها بضرورة وجودها في المستشفى
لأن أحدهم يصر على رؤيتها قبل دخوله غرفة العمليات
وهناك التقته
باسما في وجهها كعادته برغم الألم
قال لها
سامحيني
أعلم أن رحيلي سيسرق منك كل شيء
وأعلم كيف ستكون لياليك بعدي
وأعلم مساحة الرعب التي سيخلفها رحيلي في داخلك
وأعلم أنه لا شيء سيملأ الفراغ خلفي
وأعلم كم ستقتلك البقايا
وأعلم كم ستكسرك الذكرى
وأعلم تحت أي مقاصل العذاب ستنامين
وفي أي مشانق الانتظار ستتعلقين
وأعلم كيف ستبكين وكم ستبكين
وأعلم أني خذلتك وأعلم أنك ستغفرين)
زمضى
إلى مصير تجهله
كانت رائحة الوداع تملأ حديثه
لكنها تعلقت بآخر قشة للأمل
وانتظرت وانتظرت وانتظرت
وكانت تردد بينها وبين نفسها
ماذا لو رحل؟ ماذا سيكون لون حياتها؟ بل ماذا سيتبقى من حياتها؟
لم تتحمل ثقل سؤالها فجلست فوق الأرض
ماعادت قدماها تقويان على حملها
استندت إلى الجدار في انتظار حكم الحياة عليها
ومن بعيد لمحته يأتي يتقدم نحوها
إنه الطبيب الذي أجرى له العملية
تمنت أن يقف مكانه أن لا يتقدم أكثر أن لا يفتح فمه بنبأ رحيله
دقات قلبها تزداد .... أنفاسها تتصاعد
ترى هل رحل؟ أغمضت عينيها ووضعت يديها على أذنيها
لا تريد أن تسمع...لا تملك القدرة على أن تسمع نبأ كهذا
لا أحد يعلم كم من الوقت مرّ قبل أن يصلها الطبيب
ربما لحظات....وربما سنوات
لكنه أخيرا وصل وقف أمامها باسما قائلا:
كتب له عمر جديد ياسيدتي نجحت العملية وسيعيش
وانتظر أن ينطلق منها صوت الفرح
لكنها صمتت ... لم تنطق ... ولن تنطق ... أبدا
لقد رحلت ... توفيت ... قتلها الانتظار والخوف والترّقب
عفوا إنها امرأة
وصلت بتعلقها به إلى درجة رفضت الحباة في غيابه
هل توجد مثل هذه المرأة الآن؟؟؟؟؟
هل يوجد مثل هذا الرجل الآن؟؟؟؟؟
ترى ؟؟ من قتل من؟؟
منقولة