أحكام صلاة العيد ..... اقرأها ففيها فائدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . وكل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك ، وأسال الله الكريم أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال .
وبعد ..... فقد جمعت هذه المواضيع المختصرة حول أحكام العيد وصلاة العيد مما ذكره فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ، أسأل الله أن ينفع بها ، قال فضيلته :
سمي العيد عيدا لأنه يعود ويتكرر كل عام، ولأنه يعود بالفرح والسرور، ويعود الله فيه بالإحسان على عباده على إثر أدائهم لطاعته بالصيام والحج.
والدليل على مشروعية صلاة العيد: قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} وقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده يداومون عليها وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها حتى النساء، فيسن للمرأة حضورها غير متطيبة ولا لابسة لثياب زينة أو شهرة ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (وليخرجن تفلات، ويعتزلن الرجال، ويعتزل الحيض المصلى) قالت أم عطية رضي الله عنها: (كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد، حتى تخرج البكر من خدرها، وحتى تخرج الحيض، فيكن خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم؛ يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته).
وينبغي أن تؤدى صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيدين في المصلى الذي على باب المدينة؛ فعن أبي سعيد: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى) متفق عليه ، ولم ينقل أنه صلاها في المسجد لغير عذر، ولأن الخروج إلى الصحراء أوقع لهيبة المسلمين والإسلام، وأظهر لشعائر الدين، ولا مشقة في ذلك؛ لعدم تكرره؛ بخلاف الجمعة؛ إلا في مكة المشرفة؛ فإنها تصلى في المسجد الحرام.
ويسن تقديم صلاة الأضحى وتأخير صلاة الفطر ؛ لما روى الشافعي مرسلا (أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم: أن عجل الأضحى، وأخر الفطر، وذكر الناس) وليتسع وقت التضحية بتقديم الصلاة في الأضحى، وليتسع الوقت لإخراج زكاة الفطر قبل صلاة الفطر.
ويسن أن يأكل قبل الخروج لصلاة الفطر تمرات ( وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بأنها وتراً ) وأن لا يطعم يوم النحر حتى يصلي؛ لقول بريدة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي) رواه أحمد وغيره.
ويسن التبكير في الخروج لصلاة العيد؛ ليتمكن من الدنو من الإمام، وتحصل له فضيلة انتظار الصلاة، فيكثر ثوابه.
ويسن أن يتجمل المسلم لصلاة العيد بلبس أحسن الثياب، لحديث جابر.(كانت للنبي صلى الله عليه وسلم حلة يلبسها في العيدين ويوم الجمعة) رواه ابن خزيمة في صحيحه
ويشترط لصلاة العيد الاستيطان ؛ بأن يكون الذين يقيمونها مستوطنين في مساكن مبنية بما جرت العادة بالبناء به، كما في صلاة الجمعة؛ فلا تقام صلاة العيد إلا حيث يسوغ إقامة صلاة الجمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وافق العيد في حجته، ولم يصلها، وكذلك خلفاؤه من بعده.
وصلاة العيد ركعتان قبل الخطبة، لقول ابن عمر: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة)
وحكمة تأخير الخطبة عن صلاة العيد وتقديمها على صلاة الجمعة أن خطبة الجمعة شرط للصلاة ، والشرط مقدم على المشروط ، بخلاف خطبة العيد؛ فإنها سنة.
ولا يشرع لصلاة العيد أذان ولا إقامة ؛ ويكبر في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام والاستفتاح وقبل التعوذ والقراءة ست تكبيرات؛ فتكبيرة الإحرام ركن، لا بد منها، لا تنعقد الصلاة بدونها، وغيرها من التكبيرات سنة، ثم يستفتح بعدها ؛ لأن الاستفتاح في أول الصلاة ، ثم يأتي بالتكبيرات الزوائد الست، ثم يتعوذ عقب التكبيرة السادسة؛ لأن التعوذ للقراءة، فيكون عندها، ثم يقرأ.
ويكبر في الركعة الثانية قبل القراءة خمس تكبيرات غير تكبيرة الانتقال؛ لما روى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة، سبعا في الأولى، وخمسا في الآخرة) وإسناده حسن.
وروي غير ذلك في عدد التكبيرات: قال الإمام أحمد رحمه الله: " اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير، وكله جائز "
ويرفع يديه مع كل تكبيرة ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير
ويسن أن يقول بين كل تكبيرتين: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا؛
وإن أتى بذكر غير هذا؛ فلا بأس، لأنه ليس فيه ذكر معين.
قال ابن القيم: " كان يسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة، ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات "وإن شك في عدد التكبيرات، بنى على اليقين، وهو الأقل. وإن نسي التكبير الزائد حتى شرع في القراءة ؛ سقط ؛ لأنه سنة فات محلها.
وكذا إن أدرك المأموم الإمام بعدما شرع في القراءة؛ لم يأت بالتكبيرات الزوائد، أو أدركه راكعا؛ فإنه يكبر تكبيرة الإحرام، ثم يركع، ولا يشتغل بقضاء التكبير.
ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة ب{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ويقرأ في الركعة الثانية بالغاشية، لقول سمرة: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}) رواه أحمد.
أو يقرأ في الركعة الأولى ب (ق)، وفي الثانية ب (اقتربت)، لما في " صحيح مسلم " و " السنن " وغيرها؛ أنه صلى الله عليه وسلم " كان يقرأ ب (ق) و (اقتربت).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " مهما قرأ به؛ جاز، كما تجوز القراءة في نحوها من الصلوات، لكن إن قرأ: (ق) و (اقتربت) أو نحو ذلك مما جاء في الأثر؛ كان حسنا، وكانت قراءته في المجامع الكبار بالسور المشتملة على التوحيد والأمر والنهي والمبدأ والمعاد وقصص الأنبياء مع أممهم وما عامل الله به من كذبهم وكفر بهم وما حل بهم من الهلاك والشقاء ومن آمن بهم وصدقهم وما لهم من النجاة والعافية
فإذا سلم من الصلاة؛ خطب خطبتين، يجلس بينهما؛ لما روى عبيد الله بن عبيد الله بن عتبة؛
وينبغي حضور النساء لصلاة العيد، كما سبق بيانه، وينبغي أن توجه إليهن موعظة خاصة ضمن خطبة العيد، لأنه عليه الصلاة والسلام لما رأى أنه لم يسمع النساء؛ أتاهن، فوعظهن، وحثهن على الصدقة،
ومن أحكام صلاة العيد أنه يكره التنفل قبلها وبعدها في موضعها ، حتى يفارق المصلى ؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد؛ فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما) متفق عليه، ولئلا يتوهم أن لها راتبة قبلها أو بعدها. ( والشيخ ابن عثيمين رحمه الله أوجب تحية المسجد قبلها كما سيأتي )
ويسن لمن فاتته صلاة العيد أو فاته بعضها قضاؤها على صفتها، بأن يصليها ركعتين؛ بتكبيراتها الزوائد؛ لأن القضاء يحكي الأداء، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم ( فما أدركتم؛ فصلوا، وما فاتكم، فأتموا ) فإذا فاتته ركعة مع الإمام؛ أضاف إليها أخرى، وإن جاء والإمام يخطب؛ جلس لاستماع الخطبة، فإذا انتهت؛ صلاها قضاء، ولا بأس بقضائها منفردا أو مع جماعة. ( أما الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فلا يرى قضاؤها وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ) .
ويسن في العيدين التكبير المطلق، وهو الذي لا يتقيد بوقت، يرفع به صوته، إلا الأنثى؛ فلا تجهر به، فيكبر في ليلتي العيدين، وفي كل عشر ذي الحجة؛ لقوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} ويجهر به في البيوت والأسواق والمساجد وفي كل موضع يجوز فيه ذكر الله تعالى، ويجهر به في الخروج إلى المصلى
وصفة التكبير أن يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بأن تخصيص يوم العيد لزيارة القبور بدعة .
وهذه عدد من الإجابات للشيخ ابن عثيمين رحمه الله على أسئلة حول العيد :
السؤال: إذا جاء الشخص إلى مصلى العيد ووجد الإمام في الخطبة وقد أدى الصلاة فهل يصلي ركعتي العيد أم انه يجلس لاستماع الخطبة بحجة أن الصلاة قد فاتت أفتونا بهذا بارك الله فيكم؟
الشيخ: الجواب إذا جاء الإنسان يوم العيد والإمام يخطب فقد انتهت الصلاة كما هو معلوم ولكن لا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية للمسجد فإن العلماء و أعني بذلك فقهاء الحنابلة رحمهم الله نصوا على أن مصلى العيد حكمه حكم المساجد ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحييض أن تعتزله وهذا يدل على أن حكمه حكم المساجد وبناء عليه فإنه إذا دخله الإنسان لا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد أما قضاء صلاة العيد إذا فاتت فقد اختلف فيها أهل العلم فمنهم من قال أنها تقول على صفتها ومنهم من قال إنها لا تقضى والقائلون بأنها لا تقضى يقولون لأنها صلاة قد شرعت على وجه الاجتماع فلا تقضى إذا فاتت كصلاة الجمعة لكن صلاة الجمعة يجب أن يصلي الإنسان بدلها صلاة الظهر لأنها فريضة الوقت أما صلاة العيد فليس لها بدل فإذا فاتت مع الإمام فإنه لا يشرع قضاؤها وهذا هو اختيار شيخ الاسلام بن تيميه رحمه الله وهو عندي أقرب إلى الصواب من القول بالقضاء والله أعلم.
السؤال: حفظكم الله هل تجوز صلاة ركعتي تحية المسجد قبل صلاة العيد مباشرة أم لا؟
الشيخ: نعم يعني إذا دخل الإنسان مصلى العيد هل يسن له أن يصلي ركعتين تحية المسجد أو لا هذا هو السؤال وجوابه أن نقول إنه يصلي تحية المسجد ثم يجلس حتى يحضر الإمام لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ومصلى العيد مسجد والدليل على أنه مسجد أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر النساء أن يخرجن لصلاة العيد وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى أي مصلى العيد ولولا أنه مسجد ما منعهن من أن يدخلن فيه ولما أمرهن من أن يعتزلنه فإن قال قائل أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى العيد ولم يصلِ قبلها ولا بعدها فالجواب بلى لكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما دخل مصلى العيد شرع في الصلاة فأجزأت صلاة العيد عن تحية المسجد.
السؤال: حفظكم الله يقول يا شيخ بالنسبة لصلاة الجنازة وصلاة العيدين والكسوف أيضا هل يقال دعاء الاستفتاح؟
الشيخ: صلاة الجنازة قال العلماء إنه لا يستفتح لها لأنها ليس فيها ركوع ولا سجود ولا تشهد فهي مبنية على التخفيف وأما صلاة العيدين صلاة الاستسقاء صلاة الجمعة فهي كغيرها من الصلوات يستفتح لها .
كما أضع بين أيديكم أحد دروس الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في المسجد الحرام .. حول العيد وأحكامه .