يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ
بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ , الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ , فِي
أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ
أيها الإنسان .. ما أنت ؟
1 – أما نحن المؤمنون المصدقون فنقول
أنت لطيفة ربانية ,
ونفحة قدسية , وروح من أمر الله , خلقك بيديه , ونفخ فيك من روحه , وفضلك
على كثير من خلقه , وأسجد لك ملائكته وعلمك الأسماء كلها , وعرض عليك
الأمانة فحملتها , وأسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة , وسخر لك ما في السموات
وما في الأرض جميعا منه , وكرمك أعظم تكريم , فخلقك في أحسن تقويم , وأعدك
أكمل إعداد , ووهب لك السمع والبصر والفؤاد , وأوضح لك الطريقين وهداك
النجدين , ويسر لك السبيل , فأنت بإذنه وصنعته تغوص في الماء , وتطير في
الهواء , وتسابق الكهرباء وتحطم الذرات , وتتجاوز بتفكيرك وتقديرك أقطار
السموات , فهل رأيت أجل وأعظم وأكرم ؟
دواؤك فيك وما تبـصـر وداؤك
منك وما تشـعـر
وتزعم أنك جرم صـغير وفيك
انطوى العالم الأكبر
وأنت بعد هذه الحياة
القصيرة خالد لا تبيد , تحيى وتنشر , وتبعث وتحشر , وتستأنف حياة الكرامة
في دار النعيم والمقامة , إن كنت أدركت سر مهمتك في الوجود , فأخلصت العمل
للملك المعبود (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلا
لِيَعْبُدُونِ , مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ
يُطْعِمُونِ , إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)
وما الموت الذي
تخشاه إلا نقلة من هذه الحياة إلى تلك الحياة :
(وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ
الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)
وما هذا الجسم إلا
قفص أنت فيه من المسجونين , وثوب تخلعه إلى حين , ثم يعود لك يوم الدين ,
رحم الله العارف إذ يقول
أنا عصفور وهـذا قفـص
طرت عنه وبقي مرتهنا
أنا في الصور وهذا جسدي كان ثوبي وقميصي زمنا
وأنا الآن أناجـي مـــلأ وأرى
الله جهارا علنــا
لا تظـنوا الموت موتـا إنه ليس
إلا نقلة من ها هنـا
ألهمنا الله وإياك الرشد وهدانا سواء
السبيل ... آمين